بقلم الاستاذ : المحفوظ علين اختصر كوهلر الطريق الذي مضى فيه مبعوثون سابقون لوقت طويل وهم محكومون بأداء مهمتهم و ربما بما يتقاضون من رواتب دون تأنيب الضمير ، في الوقت الذي يدركون عدم جدية الهيئة التي كلفت بتلك المهمة وتخاذل أعضائها في الضغط على المغرب بعد أن ضرب كل قراراتها بشأن الصحراء الغربية عرض الحائط وطرد بعثتها في وضح النهار دون أن ينال على ذلك عقابا .
استقالة كوهلر وهو المبعوث الشخصي السابع للقضية تقول أن كل اللاحقين الذين ستسند لهم هذه المهمة سيكون نفس مصير السابقين من المبعوثين الى الصحراء الغربية ، فالأمم المتحدة أكدت عجزها في إيجاد حل يمكن الشعب الصحراوي من تقرير مصيره بعد مضي أكثر من 26 سنة من وجود بعثتها في الصحراء الغربية من أجل هذا الغرض بالتحديد ، وهذا ما يدفع الى الشك في نوايا المنظمة المبيتة وبعض الأعضاء النافذين فيها حيال قضية الشعب الصحراوي والتآمر عليها بالممطالة والتعامل مع المحتل المغربي بالليونة الزائدة التي توحي بالتواطؤ للإلتفاف على حق الشعب الصحراوي المشروع. .
متغابون الئك الذين يعولون على أعضاء همهم الوحيد مصالحهم ، وهم مأخوذين بازدواجية المعايير ، ولنا المثل في فرنسا التي نصبت نفسها الحامي والمدافع عن المحتل المغربي والتي تسبح وتمرح داخل أروقة المنظمة الأممية دون مواجهة ضغوط حقيقية من الأعضاء النافذين ، وخاصة من طرف الولايات المتحدة الأمريكية .
كل قرارات الأمم المتحدة منذ مجيء كوهلر تصاغ بطريقة يلفها الغموض وهذا ما عبرت عنه بعض الأعضاء خلال إحدى الجلسات ، وفي كل مرة يؤتى بمدخلات تعقد الملف أكثر ، فالضغط على الأمم المتحدة جاء بالطاولة المستديرة التي استغلها المغرب ليغالط الرأي العام الدولي أن هناك أكثر من طرفين في النزاع ، تمهيد ا لتوسيع رقعة أطراف النزاع . زد على ذلك تمادي المنظمة في لعب دور المتفرج حيال الخروقات المتواصلة من الطرف المغربي والاكتفاء بسرد الأحداث في تقاريرها دون اتخاذ إجراء رادع في مسألة تهدد السلم والأمن بالدرجة الأولى..
استقالة كوهلر وان كان مبررها وضعه الصحي الا أن الرجل اصطدم بواقع لم يكن يتوقعه من حيث التعاطي مع مجهوداته ، فالهيئة الأممية التي جاءت به لم تكن جادة وصارمة في التعامل مع المحتل المغربي الذي أعطى إشارات سالبة في التعامل في هذا المنحى ، وربما أدرك الرجل أن عجز الهيئة الأممية عن ممارسة ضغط على المغرب المحمي من قبل فرنسا سيقود الى فشل ذريع في مهمته ، ففضل الرحيل بسلام وترك الملف للعابين جدد بالوكالة . .
الرجل خذل على أكثر من صعيد ، على مستوى الأمم المتحدة ، على مستوى الاتحاد الأوروبي الذي بدل أن يدعم مساعيه أصبح بشكل أو آخر جزء من المشكلة بتواطئه مع المحتل المغربي في استغلال خيرات الشعب الصحراوي وتشجيعه على اطالة أمد الاحتلال .
لابد من أن الأمم المتحدة ستعمل الآن لتعيين مبعوث شخصي جديد الى الصحراء الغربية لكن لن يكون حظه أوفر من السابقين له الذين أدركوا بعد وقت طويل من عملهم أن من يبحث عن حل يمكن الشعب الصحراوي من حقه في تقرير المصير في ظل الرفض المغربي المدعوم من قبل فرنسا وتقاعس المجتمع الدولي هو كمن يطارد خيط دخان.
من المؤكد أن اللاحقين من المبعوثين الأمميين وبقليل من الفطنة سيكتشفون أن المغرب ومن ورائه فرنسا لا يقبلان سوى الحل الذي يتعارض تماما مع مهمتهم التي أساسها إيجاد حل يضمن للشعب الصحراوي حقه في تقرير المصير ، فالطرف الآخر حله الذي يقترحه ويريد فرضه هو حل استعماري لا يأخذ بإرادة الشعب الصحراوي ي وهو مخالف للقانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي .
ومن هنا يمكن القول أنه ، وبغض النظر عن جنسية أو شكل أو لون أ وخبرة أو حنكة من سيتولى الملف فلن يكون هذا الأخير قادرا على حلحلة الوضع أمام سياسة غلق الأبواب التي ينتهجها المغرب المدعوم من قبل فرنسا وإبقائه مصرا على فتح بوابة واحدة تقود الى فرض أمر الواقع الإستعماري.
ويبقى العامل الحاسم في القضية برمتها هم أصحاب القضية الذين جنحوا للسلم طويلا وابدوا حسن نية منقطعة النظير في تعاملهم مع المبعوثين الاممين لكن- وللأسف - لم يقابل ذلك سوى بمزيد من الخذلان من قبل المجتمع الدولي والتواطؤ الفاضح من قبل جهات دولية نافذة كالاتحاد الأوروبي في محاولة لتشريع الاحتلال وسرقة خيرات الشعب الصحراوي .
لابد أن الشعب الصحراوي أصبح واعيا بهذه الحقيقة ، وما نحتاجه اليوم هو كيفية التعاطي مع المصالح الدولية التي لا ترحم والتي لا يجب أن تكون مبررا لترك الآخرين يتلاعبون بمصير شعب .
فعامل الزمن مهم والمتغيرات الدولية آتية بما لا تحمد عقباه بالنسبة للضعفاء في إي معادلة ، فالاكتفاء بالتأكيد على الالتزام بالسلام والاستعداد للتفاوض مع طرف نظرته للحل استعمارية بامتياز في ظل تقاعس دولي هو مضيعة للوقت .
وفي الأخير ليس للدول ما تخسره ، فالخاسر والمتضرر من هذه الوضعية هو الشعب الصحراوي ، انتظار طويل وأفق مظلم ، ويزداد الأمر وقعا عندما يكون الأمل معلق على هيئة أممية أظهرت فشلها في أكثر من مناسبة يحكمها أعضاء قانونهم الوحيد هو القوة و تغليب المصلحة حتى وان اقتضى الأمر التضحية بقيم المنظمة والدوس على قراراتها.
0 تعليقات