اشترك في النشرة البريدية

الرئيس التونسي يوزع مساعدات بنفسه على المتضررين بـ”كورونا” ورواد التواصل يشبهونه بالخليفة عمر بن الخطاب


أثار فيديو وصور للرئيس التونسي، قيس سعيّد، وهو يشارك في توزيع المواد الغذائية على العائلات المتضررة من فيروس كورونا، جدلا سياسيا واسعا في البلاد، حيث رحّب البعض بهذا الموقف الإنساني للرئيس التونسي، واعتبر أنه يتقاطع مع سلوك بعض الخلفاء الراشدين، فيما لجأ آخرون لاتهام سعيد بالشعبوية، مشيرين إلى أنه ما زال يعيش أجواء الحملة الانتخابية.
ونشرت صفحة الرئاسة التونسية على موقع فيسبوك شريط فيديو وصورا للرئيس قيس سعيد خلال مشاركته في عملية توزيع المساعدات الغذائية والاستهلاكية على عدد من الأحياء السكنية في الضاحية الغربية للعاصمة التونسية.
ولقي الفيديو والصور رواجا واسعا على موقع فيسبوك، حيث قام آلاف النشطاء التونسيين بمشاركتهما. وكتب ناشط يُدعى ناصر المرزوقي: “وقالت فاتقي الله يا عمر واعلم أن الله سائلك على الرعية فبكى سيدنا عمر وقال تلك التي سمع الله صوتها من فوق سبع سماوات. إذا كان هذا عمر الفاروق فأين نحن من هذا. سيدي الرئيس أحببناك على صدقك، فبجاه الله لا تخيب أملنا فيك، ولك في الأولين عبرة نسأل الله لك التوفيق والسداد والنجاح”.
وأضاف ناشط آخر يُدعى مختار بالضياف: “لك كل الاحترام والحب معالي رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد، حفظك الله ورعاك، دمت فخرا وعزا لنا، ونصرك الله أعلم يا ولي أمرنا، إنا تحت طاعتك مادمت تحت طاعة الله ورسوله، واعلم أننا نحبك حبا لو كلفنا بأرواحنا دفاعا عنك، لأنك رجل شجاع وطيب ومسلم، ربي يحفظك يا سيادة الرئيس”.
فيما لجأ بعض السياسيين إلى اتهام سعيد بالشعبوية، حيث دوّن النائب عبد اللطيف العلوي مخاطبا سعيّد: “هل كان عمر بن الخطّاب يأخذ معه كاميرا (خلال تفقده أحوال الناس)؟” لكنه اضطر إلى حذف تدوينته لاحقا بعد تعرض لانتقادات لاذعة من قبل عدد كبير من النشطاء.
وكتبت الباحثة فتحية السعيدي: “الرئيس ما زال في حملة انتخابية للأسف ونسي بأنه رئيس كل التوانسة وأن ما ينتظر منه ليس رفع الأكياس، بل سياسات عمومية وقرارات. أسفي عليك يا تونس السابحة في شعبوية مقيتة وغارقة في الفقر والمرض”.
وقالت المحامية سُنية الدهماني: “في زمن كورونا المفروض على الرئيس ألا يحتك بالناس، لأنه قد يصاب بالعدوى. ومن ناحية أخرى لا أعتقد أنه معتاد على رفع الكراتين. أعتقد أن قيامه بهذا العمل هو نوع من الشعبوية. وهذا كان ممكنا فقط خلال الحملة الانتخابية”، مشيرة إلى أن سلوك الرئيس التونسي وخطابه الحالي هو خارج إطار الزمن
وتوجه الناشط عبد الحميد مسعدي برسالة إلى الرئيس قيس سعيد، قال فيها: “أنت اليوم رئيس للجمهورية التونسية ولم تعد ذلك المواطن الذي يعيش بكل تواضع ويتصرف بكل تلقائية دون أي حسابات، ومعظم الشعب يعلمون انك إنسان شهم ومتخلق وغير متصنع، ولكن يجب أن تفصل بين قيس سعيد الاستاذ وقيس سعيد الرئيس، لأن العديد يترصدون أخطاءك، وأي عمل إنساني تلقائي ستجد من يحوله إلى شعبوية والمتاجرة بوسط اجتماعي يعشق البريستيج ويموت فيه، وكل ما دون ذلك فهو في نظرهم إما جهل أو متاجرة وشعبوية، ونصيحتي لكم سيدي الرئيس أن تملأ مكانتك ومهمتك كرئيس للجمهورية وأن تترك العمل الإنساني والإجتماعي لأصحابه”.
وردا على الانتقادات الموجهة لسعيد، كتب الباحث والناشط السياسي سامي براهم تحت عنوان “مواطنون لا رعايا”: “شعبويّة صادقة خير من النّفاق السياسي ونهب المال العام. عندما يقوم بها مسؤولون غربيّون تصبح مثار إعجاب وافتخار وتنويه. وعندما يقوم بها رئيس منتخب بشكل ديمقراطي في بلدنا تصبح مثار استهزاء وتشكيك في النوايا، هو الاستلاب والاستلحاق الثقافي الذي يقود بعض المواقف المتهافتة. لا يجب الخلط بين المواقف السياسية والمواقف الإنسانيّة في ظرف جائحة عالميّة. لا أحد له حقّ التّفتيش في النّوايا أو مصادرة حقّ الرّئيس في استحضار مواقف من التّاريخ الإسلامي مرجعا له في سلوكه، بين الاسقاط التّاريخي والاقتداء بمواقف إنسانيّة جليلة يزخر بها تاريخنا مسافة وعي واعتبار، خاصة بالنّسبة لمن اتّخذوا من تاريخ الغرب مرجعا أوحد لهم”.
وأضاف الناشط محمد بن جماعة: “التوانسة ليسوا معتادين على هذا الأمر، لذلك أي مسؤول يقوم به، يتم تفسيره بالشعبوية. لو كان عملها ترامب أو ترودو أو ميركل، لقالوا إنهم يتصرفون بعفوية. بالنسبة للصورة الاتصالية، كنت فقط أتمنى لو خرج الرئيس بدون كسوة وكرافات، بلباس عادي. وقتها فعلا، تكون أكثر إيجابية”.
وكان سعيّد قد أثار الجدل في وقت سابق، بعدما رفض الانتقال لقصر قرطاج، مفضلا البقاء في منزله بأحد الأحياء الشعبية، والحفاظ على عاداته اليومية، ومن بينها ارتياد المقاهي الشعبية، وأداء صلاة الجمعة في أحد المساجد القريبة. لكنه اضطر أخيرا للاقامة- مؤقتا- في قصر قرطاج، بسبب الظروف الاستثنائية التي تعيشها البلاد جراء تفشي وباء كورونا.

إرسال تعليق

0 تعليقات