اشترك في النشرة البريدية

هل يستدعى عبد العزيز بوتفليقة إلى المحكمة؟

الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة يشارك في الانتخابات المحلية الجزائرية في العام 2017 - أ.ف.ب
فتحت الحرب على الفساد والفاسدين التي أعلنتها قيادة أركان الجيش الجزائري، شهية العدالة التي وسعت من دائرة المتابعات القضائية إلى مسؤولين كبار في الدولة الجزائرية، كرؤساء الحكومات والوزراء، بعد سجن شقيق الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة وجنرالات الاستخبارات، وخرجت إلى العلن مطالب بضرورة جر الرئيس بوتفليقة إلى المحكمة لاستجوابه أو الاستماع إليه. وهذا ما رأى فيه متابعون بأنه مطلب في غير محله، خصوصاً أن الحراك طالب برحيله وليس محاكمته، في حين وصفته أطراف بأنه رأس الفساد.

محاكمة بوتفليقة

طالب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، الحزب العلماني المعارض، باستدعاء بوتفليقة والتحقيق معه في ملفات تخص فترة حكمه وأعماله ومساعديه ومستشاريه الملاحقين قضائياً. وقال إنه "إذا كنا نريد أن تطبّق العدالة ولا شيء غير العدالة، بالإضافة إلى الاستقلالية التي يجب أن تتمتع بها حتى عن الرأي العام، فعلى القيادة الحالية أن تبدأ بالنأي عن الطابع الانتقائي للاعتقالات، وذلك باستدعاء كل العصابة". وأضاف أنه "يجب أن يُسمع لأقوال عبد العزيز بوتفليقة، رئيس الدولة المخلوع، عن أعماله ونشاط مساعديه، وأنّ هذا يعتبر في المرحلة الحالية الضمان الوحيد لنيل المصداقية، حتى لا تتحول عملية الأيدي النظيفة إلى ما يشبه حملة لمطاردة السحرة".

وعبر التجمع عن استغرابه عدم استدعاء بوتفليقة، حتى الآن، وتساءل "هل يوجد ما يمنع استدعاء رئيس الدولة السابق أمام العدالة لسماع أقواله؟". وأضاف "هل يمكن لقائد الأركان الذي يقود الحملة ضد العصابة أن تكون لديه إجابة؟".

بوتفليقة مسؤول

استبعد المحلل السياسي إسماعيل معراف استدعاء الرئيس المستقيل بوتفليقة، "بالنظر إلى العلاقة الخاصة بينه وبين رئيس الأركان أحمد قايد صالح، إضافة إلى حالته الصحية، إذ من المستحيل الحصول منه على أي معلومة". وأضاف أن شقيقه السعيد كان هو الحاكم الفعلي في السنوات الماضية، بالتالي محاكمته قد تكشف عن كل خبايا فترة حكم بوتفليقة، مشيراً إلى أن كل الأدلة تورطه لكن ليس كشخص، بل كممارسة، أي من خلال محيطه العائلي ورجال الأعمال.

وعن استمرار حبس "رؤوس العصابة"، أوضح معراف أن المدة تنتهي عند تأكد قائد الأركان بأن مشروعه قد تحقق، ولم يعد هناك أي تأثير عليه، و"بعدها سيحاكمون صورياً وبأحكام لا تسمح لهم بالعودة إلى مثل تلك السلوكات والممارسات".

في المقابل، يقول المحلل السياسي مومن عوير إنه "لا يختلف اثنان على أن الرئيس بوتفليقة، من بين المتسببين الرئيسيين في الأزمة السياسية التي تعيشها الجزائر بحكم مسؤوليته في صنع واتخاذ كل القرارات، لمدة 20 سنة". أما في ما يخص استدعاءه إلى المحكمة فـ "أستبعد ذلك في الأيام المقبلة، نظراً إلى صحته المتدهورة وعدم قدرته على الكلام". وأضاف "حتى إن تمت إدانة بوتفليقة، في قضايا معينة وأدخل السجن، فهذا في نظري لن يضع حداً للأزمة، لأن بوتفليقة انتهى بعد استقالته وأصبح من الماضي". وأوضح أن المطلب الأساسي للحراك الشعبي هو انتخاب رئيس جمهورية جديد بطريقة ديمقراطية ونزيهة، و"هو ما يخرجنا من هذا الانسداد ويعيد شباب الحراك إلى بيوتهم بعد تحقيق هذا الهدف على أرض الواقع".

لا يسمح الدستور الجزائري بمحاكمة رئيس جمهورية، سوى أمام محكمة خاصة تسمى "المحكمة العليا للدولة"، يتوجب أن ينشئها رئيس الجمهورية. لكن بوتفليقة، لم يقم بإنشائها طيلة فترة حكمه منذ العام 1999. وقد طلب في رسالة استقالته من منصبه، في 2 فبراير (شباط) الماضي، من الجزائريين "المسامحة والمعذرة والصفح عن كل تقصير ارتكبته في حقكم بكلمة أو بفعل، وأطلب منكم أن تظلوا في مستوى مسؤولية صون أمانة شهدائنا الأبرار، والتماس الصفح ممن قصرت في حقهم من أبناء وطني وبناته، من حيث لا أدري على الرغم من بالغ حرصي على أن أكون خادماً لكل الجزائريين والجزائريات بلا تمييز أو استثناء". وهي رسالة يفسرها مراقبون بأنها اعترافات بأخطاء أو حدوث فساد أو علمه بحدوث أمور غير قانونية.

الحراك لم يطالب بمحاكمة بوتفليقة

يفند الإعلامي المهتم بالشأن السياسي علي شمام أسباباً عدة تستبعد الإقدام على استدعاء بوتفليقة إلى المحاكمة، أهمها وضعه الصحي الذي لا يسمح حتى بمساءلته في أبسط الأمور، كما أنها ليست من مطالب الحراك الشعبي، موضحاً أن "العصابة" التي أعلنت المؤسسة العسكرية الحرب عليها، لم يكن بوتفليقة رئيسها، بل قد يكون أحد أعضائها. لذلك، فإن غيابه عن المحاكمة أو حضوره لا يغير شيئاً.

وأضاف شمام أن اعتراف بوتفليقة أو إدانته لا ينهي الحراك الذي تجاوز مرحلة محاسبة رموز الفساد، إلى التأسيس لمرحلة جديدة خالية من رموز النظام البائد، و"ذلك لن يتحقق بسهولة، ويستدعي جهوداً جبارة وفطنة كبيرة، وثقة في مؤسسة الجيش التي أخذت على عاتقها مسؤولية مرافقة الانتقال الديمقراطي".

ويعتقد المتخصص في القانون الدولي إسماعيل خلف الله أنه "لو كانت هناك نية في استدعاء بوتفليقة، لتم استدعاؤه مع المجموعة التي تم تقديمها أمام المحكمة العليا للدولة".

وقال إن السلطة الحالية ربما تنتظر طلب الشارع حتى تقوم بذلك، فالحراك طالب بتنحيته وقد تم ذلك، "لكننا لم نر شعارات على مدار 14 جمعة رفعت تتضمن المطالبة بتقديم بوتفليقة إلى المحاكمة".(إندبندنت عربية)

إرسال تعليق

0 تعليقات