كلما حلت حكومة جديدة في المغرب إلا وامتدت إليها الأعناق والعيون مترقبة سلّة القرارات والإجراءات التي قد تغير الأحوال، ولو أن ثمة إجماعا صامتا أو معلنا، حول
أن حكومة الظل تهيمن وتسطّر في الظلام ما يجري في البلاد على العباد، غير أن انتظارات المثقف في بلدنا "المستقر" تكون أحيانا طوباوية وحالمة، فرهانه على ما ستحققه وزارة الثقافة من إنجازات غالبا ما يصطدم بصخرة الواقع العنيد الذي لا يراد له أن يتغير، فالماسكون بمفاتيح الوزارة أو لنقل "مسامر جحا " المطلعون على أسرار الدنيا والناس، المدبِّرون للملفات والصفقات، البعيدون عن الأضواء والشبهات، الحاقدون على الثقافة والمثقفين، وعلى المبدعين والفنانين.... والكتاب والكتاّب، أولئك الراكعون الخاشعون المصفقون الحريصون على ما يملى في السرّ والعلن. هؤلاء الذين يدبرون قطاع الثقافة دون ثقافة، يتحكمون في مستقبلنا في غفلة منّا، يجيزون ما يطبع وما لا يطبع، ما يدعم وما لا يدعّم، لمن تصرف المبالغ الضخمة، ولمن يُرمى الفتات، ومن ينبغي حرمانه وإذلاله، هؤلاء الذين يختارون بدلا منّا ونحن صامتون، معارفنا وفنّنا، يقرّرون في مصائرنا العلمية والثقافية، وهم جاهلون جاحدون متكبرون متسلّطون منحازون ناكرون لنا ولمستقبلنا وحقّنا في الوجود والحياة الكريمة، في وطن تتحقّق فيه الكرامة أولا وأخيرا. إن استمرار هؤلاء في تدبير قطاع يُفترض فيه العلم والمعرفة والغيرة الوطنية على مستقبل الأجيال والمغاربة، يجعلنا نفقد الثقة في المستقبل، إذ لا بصيص من الأمل في الأفق، ذلك أن المهازل التي صنعوها، عن وعي وتخطيط وتآمر مكشوفين، لأهداف تثير "الشك" كما يتضح من ممارساتهم وبهرجاتهم باسم الثقافة المغربية و"الأصالة" وكذا الصفقات المشبوهة باسم "الدعم الاستثنائي " بملايين الدراهم، والذي يعرف الجميع كيف يرتدّ إلى جيوبهم عبر قنوات صاروا بارعين في سبرها. مادام هؤلاء من القائمين على أمرها ومادام رؤساؤهم يدبرون القطاع كما تدبّر المقاولات والشركات اللاهثة وراء الربح، فلا أمل في أن ينال المغاربة وعيا ينير لهم عتمة الحياة، كما أنه لا أمل في أن يردّ لثقافتنا بعض الاعتبار، علما بأننا مدركون أن ردّ الاعتبار للثقافة والمثقف رهين بتحقق شروط وإرغامات أخرى، منها السياسي والاجتماعي والحضاري، وكذا مسؤولية المثقف في مجابهة الزيف والتزييف، والعبثية التي صارت عنوانا لزمننا الرديء.
0 تعليقات