اشترك في النشرة البريدية

أقصبي: الغموض يلف ما يقع بمجلس المنافسة بسبب المحروقات

الباحث الاقتصادي د. نجيب أقصبي

تسبب موضوع “التواطؤات المحتملة لشركات المحروقات وتجمع النفطيين بالمغرب” في تفجر أزمة كبيرة داخل مجلس المنافسة، نتج عنها شرخ بين أعضائها بلغ إلى حد التشكيك في كون رئيسها يتصرف بناء على تعليمات أو وفق أجندة شخصية.

وفي الوقت الذي كان الجميع ينتظر قرار المجلس بخصوص هذا الموضوع، خرج بلاغ الديوان الملكي أمس الثلاثاء، ليكشف هذا المشكل للعلن، حيث توقف عند مجموعة من التناقضات التي شابت هذا الملف داخل مجلس المنافسة، وهو ما دفع الملك إلى تشكيل لجنة متخصصة تتكلف بإجراء التحقيقات الضرورية لتوضيح الوضعية.

وفي هذا الصدد، قال نجيب أقصبي المحلل الاقتصادي، في تصريح لموقع “لكم” “إن مجلس المنافسة قد أجرى التحريات والدراسات اللازمة في موضوع المحروقات لما يقرب سنتين، واستمع لكل الأطراف في احترام للقوانين، وخرج بنتائجه، خلال اجتماعه يوم الخميس 23 يوليوز”.

والمفروض، حسب المحلل الاقتصادي، أن يعلن المجلس عن هذه القرارات للعموم، فلو كنا حقيقة أمام مجلس لديه استقلالية تجاه أي سلطة، فقد كان عليه بعد أخذ القرار بكل استقلالية، أن يعلن رسميا عن النتائج، وهكذا يكون الوضع في دول الحق والقانون حيث يتم احترام المجالس”.


وأضاف أقصبي أنه “لو كنا في نظام يريد تعزيز الاستقلالية وبالتالي مصداقية المؤسسات، فعلى السلطة السياسية أن تبقى في موقعها، وعلى المجلس أن يلعب دوره كما يحدده القانون، متسائلا “هل القانون يمنع المجلس من الخروج والإعلان عن قراراته بكل حرية للعلن؟”.

ونبه أقصبي إلى أن ما تبقى من مصداقية بعض المؤسسات سيذهب، وسيتضح بأنه مع الأسف حكاية استقلالية المجالس كلام في كلام.

وتطرق الخبير الاقتصادي إلى بلاغ الديوان الملكي، الذي أشار إلى أن القرار الأول للمجلس اتخذ بموافقة 12 صوتا مقابل رفض صوت واحد، متسائلا “كيف أن هؤلاء 12 صوتوا مع التقرير، وبعد أيام، جزء منهم، دون تحديد من هم أو كم عددهم، غيروا موقفهم، بل وأخذوا المبادرة لطلب التحكيم الملكي وهذا في حد ذاته مشكل كبير”.

واعتبر أقصبي أن طلب التحكيم يعني أننا أمام أعضاء يعتبرون أن المشكل لن يحل على صعيد مؤسستهم، وذهبوا يبحثون عن تحكيم، لكن لا يمكن التقدم في التحليل دون معرفة كم عدد هؤلاء الأعضاء ومن هم.

وأبرز أقصبي أنه وفي اللقاء الأخير للمجلس ظهر أن هناك مشكل داخل أعضائه، وقد كان من المفروض تفعيل الآليات الداخلية لمعالجة المشكل، وما داموا قد التجؤوا للتحكيم، فهذا يعني أن هناك حيثيات لم يصرحوا بها ولا نعلمها.

وأكد أقصبي أنه ومن باب الشفافية، كان لابد من إعطاء المعلومات الكافية للرأي العام، حتى نعلم ما هي حيثيات هذا التحكيم، ولكن بدون هذه المعلومة ستبقى الأسئلة مطروحة.

واعتبر المتحدث ذاته، أنه وفي ظل هذه المعطيات يبقى التذكير بالوقائع هو أصدق جواب لما يقع.

وتطرق أقصبي، في هذا الصدد إلى ما اعتبره سياسة حكومية غير رشيدة، بحيث تم تحرير قطاع المحروقات دون وضع آليات الضبط ، خاصة أن الجميع يعلم أن هذا القطاع حيوي ومحتكر، حيث تبين الأرقام أن ثلاث شركات أو أربعة تحتكر أكثر من ثلاثة أرباع السوق وتتحكم فيه.

وأضاف أقصبي، ” أنه وفي نفس سنة تحرير القطاع دون آليات الضبط، توقفت الشركة الوحيدة لتصفية النفط “سامير”، وقد كان واضحا حينها أن هذا الأمر سيؤدي لكوارث وهو ما عشناه فعلا، فالجميع لاحظ خلال السنوات الموالية لتحرير القطاع أن انخفاض السعر في السوق الخارجي، لم يواكبه انخفاض في السعر الداخلي الذي ظل مرتفعا”.

وتابع ” ظهر للجميع أن الشركات التي تحتكر السوق، راكمت على ظهر المستهلك والاقتصاد الوطني أرباحا ليست خيالية فقط، وإنما غير مشروعة ولا تحترم قانون السوق، وهي ريع، لأنها لم تخرج من وضع طبيعي للسوق، بل ناتجة عن أقلية تحتكر لأنها هي التي تضبط السوق وبالتالي تفرض في السوق الشروط التي تريد.

كما أبرز أقصبي أن لجنة التحقيق البرلمانية خرجت بتقريرها حول الموضوع، وقد كانت النتائج واضحة، وتبين بالملموس مسؤولية اللوبي المحتكر لسوق المحروقات.

وهذه الوقائع، حسب نفس المحلل الاقتصادي، هي التي تحكمت في قرار مجلس المنافسة، ولا يمكن لأي كان أن ينكرها، كما لا يمكن لأي لجنة أن تنكرها بما في ذلك اللجنة التي ستعمل على التحقيق.

واعتبر أقصبي أن هذه اللجنة التي تم تشكيلها ستقوم بعملها، وبعد أن تخرج بالنتائج والخلاصات، حينها يمكن مناقشة عملها وما خلصت إليه.

وخلص أقصبي إلى أننا اليوم أمام لحظة حقيقة، وهي مفصلية، فإما سنقول نحن متشبثون باستقلالية ومصداقية هذه المجالس التي تدعي أنها تتوفر على الاستقلالية، أو العكس.(لكم)

إرسال تعليق

0 تعليقات