اشترك في النشرة البريدية

وزارة التعليم تنعرج عن الصراط المستقيم.


بقلم : الشيخ لكبير محمد البخاري.
ﻻ شك أن عقارب الساعة تدور بنظام ثابت و منتظم على شكل حلقة مغلقة و هذا ما لفت انتباهي ، فهذا ما يحدث لوزارة التعليم و التربية يدور منتسبوها حول أنفسهم بوثائق ثابتة ، متباينة اﻷشكال، متلونة المسميات ، وكل سنة تشبه أختها ﻻ جديد يذكر ، بل قديم يعاد.
في بداية كل سنة توزع كتيبات صغيرة الحجم على المسيرين و التي يطلقون عليها وثيقة العمل، يجتهد ثلة من أعضاء منتسي التعليم و التربية في اعداد وثيقة العمل هذه صيفا مما يأخذ منهم وقتا طويﻻ ، و تارة يعيدون نسخها أو بعض من محتواها كنسخ المقدمة مثﻻ ، و في بعض اﻷحيان ﻻ تختلف عن سابقتها إﻻ من حيث زخرفتها أو رسم خطها ، لتجذب الناظرين .
و لو تمعنا في وثيقة العمل هذه جيدا ، لوجدناها مليئة باﻷبجديات السائرة المفعول ، التي أصبحت عندنا مألوفة و كل منا على دراية تامة بها ، و ﻻ يتطلب الامر كل هذا من نسخ و خط و زخرفة ، أعتبره حسب رأيي الشخصي و المتواضع ليس أﻻ مضيعة للوقت و هدرا للمال.
إن كثرة الوثائق و اختﻻف مسمياتها ، ليس هو البناء الذي نريد تحقيقه و نسعى وراءه ، كما أن هذه الوثائق تحتوى في طياتها على ماهو معمول به فﻻ يتطلب الامر تكرارها ، فكم من مسير يعمل دون أن يرعى لها أي أهتمام ؟ و كم من أخر وضعها نصب عينيه و لم تغير من عمله شيئا؟
أما كتابة الوثائق ، و السعى وراءها، و الإكثار من نسخها فهو مطلب يمكننا تحقيقه متى شئنا ،و لكن المعضلة تكمن في تحقيق ما كتب فيها من قوانين يرجى العمل بها فإننا في حاجة ماسة إلى استحضار العقل قبل العمل .
إن وثيقة العمل 2020/2019*، جاءت معلنة في طياتها على أن الشريعة الإسلامية ليست لها أهمية إلى حد بعيد ، و لقد حدث شيء من هذا القبيل في الشهادة النهائية للطور المتوسط ، حيث تم حذف مادة التربية الاسﻻمية من امتحان الشهادة في آخر السنة الدراسية ، و ها هي اليوم تأتي و ثيقة العمل هذه معلنة على أن حصة التربية الاسﻻمية تدرس مرة واحدة في الأسبوع للسنتي الأولى و الثانية متوسط خﻻل الاسبوع أما السنة الثالثة فمرتين فقط خﻻل الاسبوع ، و في المقابل تدرس مادة الفرنسية ثﻻثة حصص في الاسبوع لكل مستوى من المستويات الثلاثة المشار إليهم في ما سلف . بالله عليكم أين نحن من قوله تعالى *(( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ (7)؟*، مع مر السنين سوف تحذف هذه المادة تماما و ﻻ يبقى لها أثر سوى ذكراها ، *أليس فينا رجل رشيد يدلنا على الصراط المستقيم ؟ و هل حصة واحدة في الاسبوع محققة للمرامي و الاهداف ؟
أما الخطط و البرامج ﻻ جديد فيها يذكر ، ماهي اﻻ ناسخة للسنة الدراسية الماضية من حيث المضمون ، و هذا اﻷخير هو ما جعل السنة الدراسية تتكرر كل سنة على وتيرة واحدة ، ﻷن الخطط و البرامج هي نفسها لم تتغير.
البرنامج البيداغوجي و التربوي و الذي يضم الحجم الساعي الاسبوعي لهيئة التدريس ، فهذا إلى حد الساعة لم يعرف أغلب منتسبي المنظومة التربوية ما مفاده ، كما أنه ﻻ يعطي لكل ذي حق حقه ، باﻹضافة إلى أن بعض المسيرين ﻻ يحسن استعماله مما فتح باب ضوضاء بين المسير والموظف.
هذا و غيره مما أضعف مناعة المنظومة التربوية و ألبسها خاتما من ذهب وهي عارية ، إذا بقي الحال على ماهو عليه اﻵن فﻻ مفر من أن نقول أن المنظومة التربوية تسلك طريقا كثير الاعوجاج ، و قد يوقعها في مرحلة الإنهيار التي ﻻ يرجى منها عﻻج ، طريق منعرج ليس فيه أﻻ العبء على ذلك المدرس من سجﻻت و ملفات ﻻ مفاد منها سوى عمى البصيرة و انشغاله عن تعليم تﻻميذه.
و ها نحن اليوم بصفتنا مدرسين نتأرجح بين مثالية نطالبها فلا نحققها ، و تعاسة حاضرة تقول بأن التعليم ينعرج عن الصراط المستقيم بسبب قوانين هشة و أدمغة تسعى وراء الركود على وتيرة واحدة ، و هذا اﻷخير يجعل منتسبي المنظومة اليوم بين مذهول و مشذوه و متعجب و مستغرب … مما وصلت له وزارة التعليم و التربية من وضع يندى له الجبين و ﻻ يمكن وصفه في سطور على ورقة بيضاء.
كما أن لدي شعور راسخ أن هناك أشخاص لديهم اعتراضات عالقة بالصدر على مقالي هذا ، يريدون أن يفصحوا عنها ،ولكن إلى متى و نحن ندفن روؤسنا في الرمل تماما كالنعامة حين تواجه الخطر و نكتفي بصمصمة الشفاه؟ ، و ندير وجوهنا إلى الإتحاه اﻷخر ، دون أن نقف على بوادر التغيير البناء و الهادف ، و نستحي من أن نواجه الحقيقة و نقول كلمة حق.
صفوة قولي هذا ، أننا في حاجة ماسة إلى استحضار العقل في إعادة بناء المنظومة التربوية من جديد ، و أكرر قولي مرارا و تكرارا أن قصدي من كﻻمي هذا ليس التشويه كما يظن البعض من ذوي العقول الناقصة أو نشر ضوضاء بين منتسبي المنظومة أو مس من شخصية أحد أو ذكر شخص بحد ذاته ، ولكن أقول الحق و الحق أدهى و أمر فيما أعرفه عن المنظومة التربوية ، و أرجو من المولى عز وجل أن يهدينا جميعا و يمنى علينا بالصحة و العافية و أن يجعل أعمالنا في الميزان حسناتنا و أن تكون سنة خير و بركة علينا.

إرسال تعليق

0 تعليقات