منذ عام 1877 انطلق توثيق الكلام الشفاهي، باختراع الفونوغراف. وخلال الثلاثينيات من القرن الماضي تم اختراع أول «كتاب ناطق» لتخزين القصص والفصول الروائية، وفي السبعينيات أصبح مصطلح «الكتاب المسموع» نوعا من اللغة المنطوقة تزامنا مع اختراع أشرطة الكاسيت التي صار بيعها متاحا لعموم الجماهير. فيما شكلت سنة 1971 السنة المعترف بها رسميًا لاختراع أول كتاب إلكتروني في العالم، ورغم وجود العديد من المتنافسين، قبل هذا التاريخ، فقد تم الاعتراف بمايكل هارت، مؤسس مشروع غوتنبرج، باعتباره أول مخترع رسمي للكتاب الإلكتروني، بعد إنشاء نسخة رقمية من إعلان استقلال الولايات المتحدة الأمريكية.
وخلال عامي 1975- 1976 اخترع ويل كراوذر لعبة نصية تسمى «مغامرة الكهف الضخم» وتعرف أيضًا باسم «المغامرة» وتعتبر واحدة من أولى ألعاب مغامرات الكمبيوتر، وتحتوي هذه اللعبة على قصة يمكن للقارئ فيها اختيار المسار الذي يسلكه، وبالتالي يمكن أن يقوده هذا المسار إلى نهاية اللعبة، أو إلى موته الافتراضي المفاجئ. وقد تمت إعادة إنتاج هذا النظام غير الخطي لاحقًا في لعبة مغامرة نصية تسمى «زورك» التي أنشأتها مجموعة من طلاب معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في 1977- 1979. ويمكن اعتبار هاتين اللعبتين من النماذج الأولى للخيال التفاعلي، فضلاً عن بعض أقدم ألعاب الفيديو السابقة.
أقرب نماذج الأدب الإلكتروني تم اختراعه باستخدام برنامج «ستوري سبيس» وهو برنامج تم تطويره بواسطة كل من دافيد بروذر، وميكاييل جويس في الثمانينيات. وفي عام 1990 أقدم هذان المخترعان على بيع البرنامج لشركة «إيستغيت سيستيم» وهي شركة برمجيات صغيرة، ماتزال تحافظ على شيفرة البرنامج وتقوم بتحديثه في «ستوري سبيس» حتى يومنا هذا. وهناك غيرها من البرامج المشابهة، التي استخدمت التقنية التشعبية لإنشاء روابط داخل النص، مما يتولد عنه ما يسمى بخيال النص التشعبي.. وقد تم في البداية توزيع هذه القصص التشعبية غالبًا على أقراص مضغوطة، لكن لا يزال إنشاء النص الإلكتروني الفائق ليس فقط باستخدام ستوري سبيس، ولكن أيضا باستخدام برامج أخرى مثل «توين».
إذا كان إنشاء النص التشعبي، والخيال التفاعلي باستخدام القصص النصية والصور، فما زال هناك جدل حول مصطلح «الأدب» المستخدم لوصف ألعاب الفيديو. وعلى الرغم من اعتبار «لعبة المغامرة» ولعبة «زورك» من ألعاب الفيديو، إلا أن التقدم التكنولوجي قد أتاح لبيئة ألعاب الفيديو بالتطور من نص إلى فيديو ومن فيديو إلى نص. في أغلب الأحيان توصف ألعاب الفيديو بأنها أدب تفاعلي، حيث يقوم فيه اللاعب باختياراته ويغير مسار القصة التفاعلية.
أما في ما يخص النص «السيبراني» فهناك وجهات نظر تتعلق بالأدب «الإرغودي» وهو من اختراع إسبن أورسيت، الذي يعرّفه على أنه أدب من حيث أنه يتطلب جهدًا للسماح للقارئ بالتصفح خلال النص. ويوضح ذلك من خلال مثال من «أرسيت»، حيث يقول: «نظرًا لأن الكتابة كانت دائمًا نشاطًا فضائيا، فمن المعقول أن نفترض أن النص المرن قد تمت ممارسته طوال فترة الكتابة الخطية. على سبيل المثال غالبًا ما كانت النقوش الجدارية في المعابد في مصر القديمة مرتبطة بطريقتين: الأبعاد (على جدار واحد) أو ثلاثي الأبعاد (من جدار إلى جدار ومن غرفة إلى غرفة) وقد سمح هذا الترتيب بتنسيق النص الديني بشكل غير خطي، وفقًا للخطة المعمارية الرمزية للمعبد». وانطلاقا من هذه الأمثلة يمكن اعتبار النص التشعبي والخيال التفاعلي أدبا إيرغوديا، وضمن الخيال التفاعلي المتعلق بألعاب الفيديو.
إن الأدب الإلكتروني، حسب رأي هالس سيصبح غير ذي جدوى في الاستخدام في غضون عشر سنوات أو أقل، بسبب «الطبيعة المتغيرة لوسائل التواصل والإعلام». وبالتالي فإن الأدب الإلكتروني سوف يخاطر بفقدان فرصة بناء «تقاليد مرتبطة بالأدب الورقي المطبوع». هناك العديد من المنظمات اليوم تساهم في الحفاظ والنهوض بالأدب الإلكتروني، حيث يهدف مثلا تحالف الحفظ الرقمي، ومقره المملكة المتحدة، إلى الحفاظ على الموارد الرقمية بشكل عام، بينما قدمت مبادرة «باد» (الحفظ/ الأرشفة/ التوزيع) التابعة لمنظمـــــة الأدب الإلكـتروني دليلا حول كيفــــية التفكـــير في المستقبل، عند كتابة الأدب الإلكـــتروني ونشره وكيفية نقل الأعمال على المنصات الرقمية، باستخدام التقنيات الحديثة. وهناك أيضا مجموعة الأدب الإلكتروني، وهي عبارة عن سلسلة مخـــتارات تنشرها منظمة الأدب الإلكــــتروني على أقــراص مضغوطة، وعلى الإنترنت، وهذه استراتيجية أخرى للعمل من أجل جعل الأدب الإلكتروني متــاحًا للأجيال القادمة.
٭ كاتب ومترجم مغربي
0 تعليقات