اشترك في النشرة البريدية

عشية إنعقاد دورة الأمانة الوطنية: هل تكون القرارات على قدر التطلعات


من المنتظر أن تنعقد الدورة العادية للأمانة الوطنية هذه الأيام ومن المؤكد أن الرأي العام الوطني كعادته وبسبب الملل وإنسداد الأفق وطول الإنتظار يتطلع لمخرجات ثاني أعلى هيئة في التنظيم الوطني الثوري بعد المؤتمر. 
خلال العقود الثلاثة الأخيرة دأبت هذه الهيئة على إصدار بيانات في ختام أشغالها، هذه البيانات لم تخرج عن (نهيب/نشجع/نثمن/نندد/نستنكر/نشجب وفي أفضل الحالات نحذر ونحمل المسؤولية)، وكان الأمر سيكون نوعا ما مقبولا لو إستمر لعشر سنوات، ومهضوما بعسر لو زاد عقد آخر وتوقف، لكن أن يستمر للعقد الثالث على التوالي دون تغيير ففي رأئي الشخصي تتطلب كلمة الثورة في نهجنا بعض المراجعة.
عند تناول مثل هذه المواضيع كثيرا ما يحاول البعض من كبار مسؤولينا أن يعجزك بالسؤال: وماهو الحل؟ ومحاولة مني أن أكون عمليا وأجيب على هذا السؤال في هذه الظرفية الصعبة التي يمر منها نضال الشعب الصحراوي، أقترح أن لا تصدر الأمانة الوطنية بيانا هذه المرة وتثور على تراكمات آلاف البيانات التي لم ولن تقدمنا شبرا واحدا طوال أكثر من ثلاث عقود، وبدلا من البيان تكتفي بإذاعة خبر عبر وسائل الإعلام الوطنية تقول فيه جملة  واحدة قصيرة وواضحة:
إعلان النفير العام والتعبئة الشاملة وبالبندقية ننال الحرية
وتتولي مركزية التنظيم السياسي التعميم على كافة تواجدات الشعب الصحراوي عبر القنوات التنظيمية من خلايا وفروع محلية وجهوية ووطنية.
إمعانا في التفصيل ستستمع الهيئة إلى تقارير اللجان المكونة لمختلف ساحات الفعل الوطني، ومن باب الإختصاص وتمثيلا للوضع العام المترابط والذي يؤثر كل جانب منه على الآخر، ونظرا لأسباب وتراكمات معروفة لدى القاصي والداني سيكون  تقرير لجنة الخارجية – حسب تقديري الشخصي- هو الأكثر سطحية وفراغا وخلوا من الفائدة، وسيكون مملوءا بكلمات منفوشة عائمة وخالية من العمق المطلوب ومجرد فقاعات تتبخر وتتطاير بمجرد إنتهاء تلاوة المقرر، وأستثني من ذلك وأيضا لأسباب يعلمها الجميع الجزء المتعلق بتقييم مخطط التسوية والتعاطي مع الأمم المتحدة، وسيكون ذلك القسم من التقرير متقنا مؤسسا قائما على قدر كبير من الدقة والمعرفة الإحترافية والأكاديمية. وأوردت هذا التمثيل لتسهيل على القارئ محاولة القياس على بقية التقارير التي ستتدارسها الهيئة والتي ينبغي أن يتناولها الجميع كل من باب الإختصاص أو الدراية، مما سيساعد على التوصل إلى الفائدة ومعالجة القضايا بطريقة تعين على السير نحو الأمام بدل المراوحة التي نزاولها منذ أكثر من ثلاثين سنة.
وللإنصاف فإن العمل الخارجي والواجهة الدبلوماسية ونظرا لما تتخبط فيه من صدأ وترهلات وتقاعس بسبب التلف الدماغي الذي تعانيه فإنها مثل غيرها من الجوانب التي تعاني بعض السلبيات تحتاج إلى صوت الرصاص ورائحة البارود لتسترجع بريقها ومكانتها وإسماع صوتها، إن محاولة البحث عن حل غير ذلك مهما كانت مضنية وجادة لن تؤدي إلا إلى مزيد من التراكمات والتعقيدات التي سيدفع الشعب الصحراوي ثمنها لو لم يتدارك الأمر قبل فوات الآوان.  
إن الأمثلة على الفكرة السابقة (ضرورة لعلعة الرصاص وإنتشار رائحة البارود) كثيرة ولا تعد ولاتحصى، منها ماهو خالد في التاريخ القديم، ولكن لتبسيط الفكرة على من ربما يعانون من عمى الألوان فهناك مثالين من تاريخنا المعاصر:
1. في الشرق الأدنى تتطابق القضية الفلسطينية مع القضية الصحراوية بشكل تام، وما يجري هناك صورة صارخة على نتائج الإستمرار والإكتفاء بإصدار البيانات. فليعتبر من يهمه الأمر.
2. في الشرق الأقصى، أثبتت حركة طالبان بوضوح قوة البندقية في إنتزاع الحقوق من خلال مواجهة أعتى قوى الظلم والإستبداد، ولا تزال تمرغ أنف الولايات المتحدة على طاولات التفاوض دون أن تعلن عن وقف إطلاق النار، فهل كانت ستحصل على مجدها لو أنها أسكتت البنادق.  
بالعودة إلى إنعقاد دورة الأمانة الوطنية، وتطلعات الرأي العام الوطني، فلطاما تطلع الرأي العام الوطني الصحراوي خلال العقود الأربعة الأخيرة ولكن بشكل خاص منذ سنة 2005 إلى أن توقف هيئته الوطنية لغة البيانات وتقدم على لغة الأفعال، خاصة في بعض المحطات التي يظهر فيها بجلاء إحتقار العدو لنا وإقدامه بشكل إستفزازي وصارخ على قتل الصحراويين في المناطق المحتلة بدم بارد، وإهانة النساء وتعريتهم في الشوارع، وتلطيخ وقار المسنين، وتشويه براءة الأطفال بالرعب والقمع. وكثيرا ما ساد الإنطباع والترقب كلما أمعن العدو وبرعاية المنتظم الدولي ممثلا في الأمم المتحدة على مزيد من الإحتقار والإذلال المسلط على شعبنا، وكما لا يخفى على أي متتبع كانت الهيئة القيادية دائما دون مستوى تلك التطلعات وذلك الترقب بتكرارها دوما لنفس البيانات بنفس العبارات ونفس النتائج.
بناءا على حدس داخلي مرفوقا بشئ من التوقع لا أعتقد أن هيئة الأمانة الوطنية ستتعاطى بشكل مختلف عما سبق مع آمال وتطلعات الصحراويين المكلومين الذين ملوا الإنتظار والإهانة والإحتقار، ولكن مع مسحة أمل أتمنى من أعماقي أن تخيب الهيئة ظني وأن لا تصدر بيان لا يختلف عن سابقيه إلا في التاريخ ومكان الإنعقاد.
حمادي البشير
يوليو 2020

إرسال تعليق

0 تعليقات