اشترك في النشرة البريدية

"الشعب ... ارحل" : شعار مرحلة ما بعد كورونا : عزيز رزنارة

"الشعب.... ارحل" : شعار فاجأني بقوته وجرأته على جدران أحد الأحياء الشعبية بالدارالبيضاء في أواخر ما سمي بانتفاضة "الربيع العربي"، والتي أطلق عليها
"حراك 20 فبراير". يمكن اعتباره خلاصة منطقية لمسيرة الغضب العربي من "ربيعه" إلى "خريفه" الحالي ، مسيرة لم تخلق سوى الدم والعنف والدمار في أغلب محطاتها. "ارحل" رفعت في وجه حكام ومسئولين اعتبروا من الأسباب الرئيسية لانعدام الديمقراطية والأمن والأمان والنمو. واتضح بعد رحيل كل أولئك الحكام ممن رفعت في وجههم كلمة "ارحل"، بأن ما سمي ب"الربيع العربي" كان بالفعل خريفا قاسيا مازالت آثاره حاضرة في أغلب الدول التي عاشته، وبأن دار لقمان ما زالت على حالها، وربما أفظع.
 وجاءت جائحة كورونا الحالية لتظهر وبالملموس الواضح للعيان، أن جزءا كبيرا من أسباب التخلف، وانعدام الأمن والأمان والنمو قد يكون وراءه قطاع كبير مما يسمى "الشعب". اليسار المغربي مع الأسف أسبغ على مفهوم "الشعب" نوعا من القدسية جعلته منزها عن الخطأ، وتعاملت معه في أدبياتها بنوع من الطوبوية دون أي حس بالنقد والمراجعة. وحتى عندما دعي هذا اليسار، أو جزء منه، إلى المشاركة في الحكم فيما عرف بعملية "التناوب" التي كانت فقط رغبة من الملك الراحل ولم تنشأ أبدا عن صناديق الاقتراع كما يعتقد البعض، فإن هذا اليسار عجز عن تدبير كل الملفات الاجتماعية التي تمس مباشرة هذا "الشعب"، مثل التعليم، الصحة، الشغل، العدالة وغير ذلك. بل إن مفهوم اليسار الانتهازي والشعبوي لحقوق الإنسان هو الذي أوصل الجريمة وانعدام الأمن في البلاد إلى درجات مخيفة، أصبح العديد من المواطنين يتمنون عودة أيام سنوات الرصاص التي على الأقل كانت تضمن حدا أدنى من الأمان والأمن في الشارع وحتى في البيوت. 
هذا الجزء من "الشعب" الذي لا يستجيب لتعليمات الدولة بالتزام الحجر الصحي، بل ويدمر ويخرب الممتلكات العمومية كما حصل مئخرا مع حافلات النقل العمومي بتالدارالبيضاء، والذي يخرق بتحد ومتعمدا كل تحذيرات الدولة بارتداء الكمامة وعدم الخروج بدون سبب معقول، هذا النوع من "الشعب"، أليس هو الذي يجب أن يرفع في وجهه شعار "إرحل"؟ 

هل يمكن أن نفكر ونجرب "رحيل" الشعب؟ 

ليس بالضرورة أن يكون الرحيل جسديا كما كان مع أشخاص معينين، ربما يكون بتغيير العقليات والسلوك. ولن يتأتى ذلك دون إعادة الإعتبار لدور الأسرة أولا ثم المدرسة ثانية في هذا الاختبار الكبير الذي وضعتنا أمامه جائحة كورنا وأبانت لنا عن مكمن الخلل الدي يمنع البلد من التقدم.  
إذا نجحنا في ذلك يمكننا أن نقول بأن الربيع في بلادنا قد أينع وأعطى ثماره واستحق فعلا اسم "الربيع المغربي" الدي سيكون بشهادة الجميع استثناء لكل ما عرفته الدول العربية مع "ربيعها".

عزيز رزنارة 
عجمان في 25 أبريل 2020

إرسال تعليق

0 تعليقات