اشترك في النشرة البريدية

دار توبقال تقدم طبعة جديدة من مجموعة “الثقافة الجديدة” بطنجة بيت الفن ‏3 أيام مضت

يحتضن المركز الثقافي أحمد بوكماخ بطنجة يوم 10 يناير الجاري حفل تقديم مجلة “الثقافة الجديدة” بمشاركة عبد الجليل ناظم، جلال الحكماوي ويحبى بن الوليد.
ويصاحب حفل التوقيع، الذي تنظمه دار توبقال للنشر تحت عنوان “مجلة مغربية صنعت التاريخ”، لحظة تكريم للفاعل الجمعوي مصطفى بنمسعود، ومعرض تشكيلي  بمشاركة تشكيليين من المغرب وتونس والجزائر والبحرين وسويسرا.
ورغم مرور أكثر من خمسة وثلاثين عاما على الإغلاق، ما تزال “الثقافة الجديدة” التي صدرت أعدادها الكاملة حديثا في كتاب عن “دار توبقال للنشر” بالتعاون مع جمعية “أًصدقاء الثقافة الجديدة”، ودعم من “مؤسسة أجيال لحماية حقوق الإنسان”، شاهدا على مرحلة مهمة اشتبكت معها بالسؤال والتحليل والنقد، وقدّمت مقاربات تستحق اليوم إعادة قراءة ومراجعة حقيقة لها. وهي الدار التي يديرها الشاعر المغربي محمد بنيس، مؤسس مجلة الثقافة المغربية، التي صدر عددها الأول سنة 1974 تحت مسمى “مجلة فكرية إبداعية فصيلة”.
وضم الإصدار، الذي أعادت دار توبقال طبعه (31 عددا) من المجلة في 8 مجلدات فاخرة تضم إلى جانب كل أعداد مجلة الثقافة الجديدة “ملحقا يضم فهرس عام لأعداد المجلة بما فيه العدد الذي استحال على محمد بنيس أن يصدره في المغرب”، وقام الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش بإصدار مواده الكاملة ضمن مواد عدد فاخر من مجلة الكرمل، وهي مبادرة ثقافية لن ينساها تاريخ الثقافة العربية.
ومن المتوقع أن يطرح “مجلد الثقافة الجديدة” للبيع في معرض الدار البيضاء الدولي للكتاب الذي سينظم في الأسبوع الأول من فبراير 2020.
وحسب ورقة للكاتبة لبيبة شكري فإن العدد الأول من “الثقافة الجديدة” صدر في مارس عام 1974، من مدينة المحمدية المغربية، وهي مجلة فكرية إبداعية فصلية راهنت حينها، مثل مجلات عربية عديدة ظهرت في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، على الانفتاح على الحداثة في مختلف أنماط الكتابة والفنون، والالتزام بقضايا التحرّر العربية. وحملت الدورية اسم مديرها الشاعر محمد بنيس، وفريق التحرير المكوّن من عبد الله راجع، ومحمد البكري، ومحمد العشيري، ومصطفى المسناوي، الذي كتب افتتاحية العدد متضمّنة سؤالاً مباشرا “لماذا هذه المجلة؟” وأتت الإجابة بالقول “ليست لنا حلول جاهزة، ومع ذلك فإن مهمتنا لن تكون مساندة لخاصية التراكم الكمي المتجلية في أغلب الكتابات المغربية، مهما كانت مصادر قناعاتها الفكرية والإبداعية. هذه نقطة أولى نرى الإلحاح عليها واجبا، لأنها أساسية، وكلّ تراجع عنها نعتبره مساهمة في الأزمة الثقافية الموجودة”.
وتضمن العدد الأول مقالات لكّل من عبد الله العروي، ومصطفى الإدريسي، وعبدالقادر الشاوي، ولوسيان غولدمان، ومحمد الواكرة، والطاهر بنجلون، إلى جانب المسناوي وراجع. وتجدر الملاحظة أنّ بيان “اتحاد كتاب المغرب”، الذي نشرته المجلّة، أكّد على أن “الثقافة تعبير فكري عن الصراعات الاجتماعية”، وعلى ضرورة “مواجهة القوى المتسلطة” ومجابهة ثقافتها، وتأسيس ثقافة تقدمية تكون “سلاحا للتغيير”، التي تتشابه مع شعارات عدد من الاتحادات العربية التي تراجعت جميعا عنها لاحقا.
وتحتفظ الذاكرة الثقافية العربية، بذلك المقال المنشور على صفحات العدد 19 (الصادر في يناير 1981)، بقلم محمد بنيس تحت عنوان “بيان الكتابة” الذي كتب فيه “لم يستطع الشعر المغربي المكتوب باللغة العربية الفصحى، طوال تاريخه أن يمتلك فاعلية الإبداع، أي القدرة على تركيب نص مغاير يخترق الجاهز المغلق المستبد، إلا في حدود مغفلة إلى الآن…”. أثار البيان حينها موجة من الردود في كلا الاتجاهين، خاصة أن صاحب “ما قبل الكلام” وقف عند خمسة عقود من المدونة الشعرية الحديثة في سياقها الاجتماعي والسياسي، وفق قراءة بدت جريئة ومتطرفة إلى حد ما، حين رأى أن الشعر استمرّت وظيفته ك”شهادة” في مرحلة التحرر الوطني، دون تكامل مع مبدأ ثانٍ هو “البحث في ماهية الشعر”، ومن هنا “كان إقصاء الشعر: إلغاؤه”، بحسب بنيس. استمرت المغامرة منفتحة على مشهد عربي أوسع، حيث نشرت المجلة نصوصا ومقالات لغالب هلسا، وصنع الله إبراهيم، وسركون بولص، وأدونيس، ومحمد أركون، وهادي العلوي، ومحمود أمين العالم، وحيدر حيدر، وبرهان غليون، وأمل دنقل، وناصيف نصار، وقاسم حداد، وأمين صالح، وكمال أبو ديب، وسعدي يوسف، ومنير العكش، وجمعة اللامي، وعز الدين المناصرة، والطاهر شريعة، ومحمد كامل القليوبي، وصلاح فائق، وجاد الحاج، وجليل حيدر. وحافظت المجلّة على مبادئها الأساسية في عدم الركون للسائد الثقافي، وتمثل المواقف الاجتماعية والسياسية القائمة على التقدّم والتحرر والتحديث، وشكل الاجتياح الصهيوني للبنان وحصار بيروت عام 1982 أبرز الأحداث التي توقفت عندها “الثقافة الجديدة” بالانحياز التام للحق الفلسطيني وتقديم مساحة للدرس والتأمل والنقاش.

إرسال تعليق

0 تعليقات