اشترك في النشرة البريدية

عبد الغني القباج يكتب عن عبد السلام المودن المثقف العضوي


أن تخلد ذكر رفيق رحل ، هو أن تستلهم فكره ومواقفه وممارسته السياسية و الاجتماعية...

لم تمنحني الحياة فرصة اللقاء بالمناضل الماركسي الديمقراطي عبد السلام المودن.
لكن الرفيق المودن منحني فرصا عديدة و مستمرة لمحاورة أفكاره ومواقفه التي بلوره في إنتاجه الفكري و السياسي.

كانت زنزانته مختبرا للبحث النظري والسياسية والسوسيولوجي لـواقع المغرب الملموس "دولة" ومجتمعا وطبقات اجتماعية، ونظاما سياسيا وللصراع الطبقي. وفي القلب من هذا الواقع "المسألة الديمقراطية" في المغرب.

كان لابد للرفيق ع.السلام المودن من تحليل هدا الواقع المغربي تحليلا علميا ملموسا، وفق المنهج المادي الدياليكتيكي و المنهج المادي التاريخي، بهدف بلورة صيرورة الثورة الوطنية الديمقراطية في المغرب.

وعبد السلام المودن من المثقفين العضويين القلائل الذين قدموا دراسة علمية في موضوع الطبقة العاملة ...

وبالتالي كان لابد له من دراسة عميقة لمؤلفات هيغـل وماركس أساسا من مصدرها الأصلي. فرفع تحدي اكتساب اللغة الألمانية.

وخلص إلى أنه "لا يمكن تغيير المجتمع بجون فهم المجتمع" ، و"لا يمكن فهم المجتمع بدون الانتقال بالفكر، من دائرة الفكر السطحي، الانطباعي إلى دائرة الفكر النظري العلمي".

لذلك خلص الفقيد ع.السلام المودن أن إشكالية الشعب المغربي في الظرف الراهن النابعة من واقعه المادي المعيش هي: الديمقراطية.

وهي إشكالية لا تتبلور من فكر وتأملات المثقف، بل من الواقع المادي المعيش للشعب المغربي بـتحليـله تحليلا ماديا دياليكـتـيـكيـا وبتطبيق المنهج المادي التاريخي. لأن الشعب ملتصق بواقعه.

لقد تناول الرفيق المودن إشكالية الديمقراطي في المغرب بعمق نظري مرتبط بأمن المجتمع الذي يتحقق بـضرورة تأمين الدولة لمصالح المواطـنـين والمواطـنـات في معيشهم وحياتهم وكرامتهم.

ولا يـمكن لـدولة تـتـحكم فـيها مصالح طبقية خاصة لـقـوة اجتماعية أن تـؤمن للشعب أمـن معيشه و حياته.

ويقدم مثالا ملموسا:

إن الدولة حين يضرب العمال من أجل تأمين معيشهم و حياتهم ، فإنها تقمعهم لأنها تنحاز لتأمين مصالح أرباب العمل (طبقة الرأسماليين) ، لإخضاع العمال إلى مصلحة طبقة الرأسماليين، و تفرض علبهم العودة إلى إنتاج فائض القيمة التي تستولي عليها طبقة الرأسماليين.

وبالتالي فإن الدولة الرأسمالية ، دولة طبقية تخدم أساسا مصلحة طبقة الرأسماليين.

في هذا السياق يـطرح الرفيق الراحل عبد السلام المودن :

"إن الشكل السياسي للدولة المغربية الحالية هو شكل ديمقراطي ، هذا واقع موضوعي قائم . لكن اية ديمقراطية نقصد ؟ تلك هي المسالة . هناك فعلا الحد من سلطة الحكم المطلق لكن في نفس الوقت فان ذلك الحد ، نسبي جدا . 

هناك برلمان ، لكن صلاحياته محدودة جدا . 
هناك حرية الصحافة ، لكن ايضا الرقابة عليها وحجزها . 
هناك حرية التنظيم الحزبي والنقابي ، لكن ايضا عدم الترخيص بتنظيم التظاهرات السياسية ، وقمع الاضرابات النقابية . 
هناك حرية التعبير ، لكن ايضا الاعتقال بسبب الراي والموقف. وهذا الاعتقال السياسي قد يصل الى حد ، دفن ضحاياه الابرياء طيلة حياتهم في الكهوف الباردة ، بل والى القتل والجنون . 

ان دولة هذه طبيعتها المزدوجة ، تقر الديمقراطية وتلغيها ، تقبل المعارضة وتحد من نشاطها ، تسطر القانون وتخرقه .. هي دولة ليست لكل المجتمع المدني ، ولكن للطبقة السائدة فيه فقط، وبالتالي ان شكلها الديمقراطي ، هو شكل دولة الطبقة الواحدة ، لا شكل كل طبقات المجتمع".

عبد الغني القباج www.facebook.com/abdelghani.kabbaj

إرسال تعليق

0 تعليقات