اشترك في النشرة البريدية

مشاهد مهربة من حلم لا يراد له أن يرى النور .. !! ..


لا يوجد مبعوث أممي واحد كان ضحية .. الضحية دائما هو هذا الشعب .. لذلك وفي ذلك اليوم المشمس لم ألتقط صورة واحدة للمبعوث الأممي ولم يشد إنتباهي أبدا ولم أكن متشوقا لسماعه ولا حتى لرؤيته لا هو ولا أيا من القياديين الذين كانو يحيطون به من كل جانب .. لقد ركزت إنتباهي كل إنتباهي على الضحية التالية دائما .. على هذا الشعب وركزت ملاحظاتي وعدستي على ما يفعله وما يفعل به .. !! ..
في ذلك اليوم أخذت بيد الصغير آدم وتوجهت الى مكان حيث تجمع الآلاف من النساء والشيوخ والأطفال ليستقبلوا ضيفا وليسمعوه كلمتهم .. لقد كانت جموعا غفيرة جاءت من كل الولايات والمؤسسات .. من بعيد ومن قريب في يوم مشمس حار .. كان ذلك اليوم يوم وصول المبعوث الأممي المستقيل من مهامه هورست كوهلر في أول زيارة له الى مخيمات اللاجئين الصحراويين .. وكل المشاهد كانت في ذلك اليوم بولاية أوسرد إلتقطتها بعدسة هاتفي وحفظت تفاصيلها في ذاكرتي المنهكة .. 
المشهد الأول .. نساء ينزلن بصعوبة وبعد سفر طويل، ينزلن من مؤخرة شاحنة كبيرة وكل واحدة تمسك بعلم وطني ورغم الضعف والعجز والتعب لا تريد أيا منهن أن تتخلى عن العلم فنزلن وبكل شجاعة وقوة ليواصلوا المسير وهن يرفعن العلم عاليا ويكررن الشعارات الوطنية المنادية بالحرية والإستقلال .. 
المشهد الثاني .. أطفال صغار يرسمون لوحة رائعة قبل حتى وصول المبعوث الأممي .. يسيرون في صفوف منتظمة على أطراف الشارع الذي يقسم الولاية وهم يغنون ويرقصون ويوزعون الإبتسامات البريئة على ضيوف الولاية فينشرون البسمة والأمل والحب والسعادة في ذلك الصباح المزدحم .. 
المشهد الثالث .. إمرأة متقدمة في السن حان وقت صلاة الضحى فجلست على الأرض وسط غبار السيارات وضجيج الجموع لتؤدي واجبها الديني ولترفع يديها الى السماء فتدعوا الخالق الفرج والإستقلال والصلاح والعافية للجميع دون إستثناء .. 
المشهد الرابع .. شيخ طاعن في السن واضح ان التعب قد نال منه نتيجة قطعه المسافات للوصول الى الولاية توقف ليسألني عن مكان تجمع زملائه ومؤسسته فأخبرته انني لا أعلم وأقترحت عليه أن يجلس بجانبي ويستريح ففي النهاية الأماكن كلها صالحة للتجمهر وقلت له أنه تعب كثيرا ويجب ان يتوقف عن البحث .. ليقول لي .. يا ولدي النظام زين ونحن معيط ألنا هون ولاهي ننحسبو ولا أريد أن أتأخر عن مجموعتي او أن أكون أخر الملتحقين بها .. ثم ذهب ليكل بحثه عن مكان تجمع زملائه .. 
المشهد الخامس .. مئات السيارات الخاصة لعائلات جاءت حتى من المناطق المحررة ومن البوادي وهم يرفعون بعزة وفخر علم الدولة الصحراوية ويجوبون الشارع الرئيسي مطلقين العنان لأبواق السيارات والأهازيج والشعارات وكأن اليوم يوم إستقلال فالشعب يفرح بأي شيء ويعقد الأمل على أي شيء حتى ولو كان حدثا عابرا .. 
المشهد السادس .. الصغير آدم الذي بالكاد أكمل عامه الثاني وهو يشير بأصبعه ويسأني عن كل شيء، عن الإبل والأعلام الوطنية والسيارات والتجمعات فقد لفت الحدث إنتباه عقله الصغير وبدأ يسأل ليعلم كما علمنا جميعا أن لنا وطن وهوية وحلم نسعى للوصول إليه مهما كلفنا ذلك من تضحيات .. آدم واحد من جيل وللأسف يبدوا أننا لا نؤسس لمستقبله إلا ليكون غامضا ومظلما وحالكا ..
وختاما أقول لا تكثروا الحديث عن الإستقالة فالحديث عن أمور تتكرر يصبح ممل وتافه ومع الوقت يصبح مثيرا للشفقة والإشمئزاز .. 
سيستقبل هذا الشعب الطيب مبعوثا جديدا وسيستقيل هو الأخر لا محالة وسيظل هذا الشعب المطحون وحده يدفع ثمن الأوهام والتلاعبات والمسرحيات وسيبقى هو الوحيد الخاسر من بين أطراف صدقوني رابحة كلها من أي فرصة جديدة لإضاعة الوقت .. !! .. 
عبداتي لبات الرشيد

إرسال تعليق

0 تعليقات