اشترك في النشرة البريدية

استطلاع...ما هي أوجه التوافق والاختلاف بين الجيش والحراك الجزائري؟

صورة مركبة: رئيس أركان الجيش وجانب من احتجاجات الجزائر هل يشترك الحراك الشعبي الجزائري مع المؤسسة العسكرية الرؤية ذاتها للمرحة الانتقالية؟ وما هي أوجه التوافق والاختلاف بين الجيش والحراك؟ “رأي اليوم” تستعرض آراء الخبراء الجزائريين
ما إن أفصحت المؤسسة العسكرية الجزائرية عن موقفها المؤيد للحراك السلمي الذي دشنه الشعب الجزائري للمطالبة بإسقاط نظام بوتفليقة، حتى أضحى الجزائريون ينتظرون بكل شغفٍ تصريحات قائد الأركان، أحمد قايد صالح، التي كان يُعلن فيها، أثناء زياراته الميدانية لمختلف النواحي العسكرية، عن مواقف الجيش ومطالبه بعد كل مستجد.
وبعد خروج المتظاهرين في جمعة الأمس، كما دأبوا على ذلك منذ 22 فبراير الماضي، كان تصرُّف قوات الأمن مختلفاً عن المرّات السابقة. ومن أبرز مظاهر تعامل الشرطة الجزائرية مع المتظاهرين هو منعهم من الوصول إلى سلالم ساحة البريد المركزي، هذا الأخير الذي أصبح مقره بالغ الرمزية منذ انطلاق الحراك. ورغم أن مصالح ولاية أمن الجزائر أوضحت في بيانٍ لها أن المنع نابع من تخوفها من سقوط تلك السلالم بسبب هشاشتها، حيث أصبحت تشكل خطراً على المتظاهرين بعد الوقوف عليها.
وقد تداولت وسائل جزائرية شريط فيديو يوثّق عملية دفع شرطي من أعلى حافلة الشرطة، بعد محاولته رشّ المتظاهرين بالغاز المُسيل للدموع، وهو المقطع الذي أثار جدلاً كبيراً بين رواد مواقع التواصل الاجتماعي الجزائريين الذين رفضوا في المجمل عملية دفع الشرطي.
وفي ذات السياق، تحدثت وسائل اعلام جزائرية عن تضييق مارسته قوات الأمن على رؤساء بعض البلديات الذين شاركوا في مسيرة الجمعة بالجزائر العاصمة، مؤكدين أن الشرطة نفذّت اعتقالاتٍ طالت رؤساء بلديات وحتى متظاهرين قبل أن يتم إطلاق سراحم في ساحة متأخرة من ليلة الجمعة.
ويرى بعض المتابعين أن كل تلك الإشارات قد توحي إلى أنّ الحراك الشعبي والمؤسسة العسكرية وإن كانا يشتركان الهدف نفسه، أي اسقاط النظام ومتابعة رموزه قضائياً، غير أنهما قد يختلفان حول سبل وكيفية تنفيذ ذلك وإدارة المرحلة الانتقالية. ويقلل الإعلامي الجزائري، عبد الله جابر، من شأن نقاط الخلاف بين الطرفين، مُستبعداً وجود أي اختلافات في الحاضر قد تقود إلى التصادم في الرؤى مستقبلاً بين الحراك الشعبي والمؤسسة العسكرية، وأضاف الصحفي الجزائري مُعلقاً على سؤال لرأي اليوم حول العلاقة بينهما: “لا أتوقع حدوث صدام بين الحراك والجيش بسبب تمسك الحراك بسلميته وتعهد قائد الجيش بحماية الشعب وضمان سلمية الحراك والجو الآمن”. واستطرد قائلاً: “يُمكننا الحديث عن ما يسمى بالأغلبية الساحقة المدعومة بقوة إعلامية كبيرة جداً، كانت تُعارض انتخابات يشرف عليها بدوي وبن صالح، والآن أضافت رأس قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، مباشرةً بعد استدعاء العدالة العسكرية للثلاثي توفيق، طرطاق والسعيد، وعليه يمكن أن تزداد حدة الازمة”، مؤكداً أنها لن تصل لدرجة التجاذب أو الخلاف بين الشعب والجيش.
وينفي الدكتور، رضوان بوهيدل، وجود أي خلاف للرؤى بين الحراك والجيش، معتبراً أن ما يحدث هو “بداية تفكيك مطالب الحراك الأساسية وتحويرها في مطالب جانبية من طرف جهات معنية”، ويشرح الخبير السياسي وجهة نظره قائلاً: أن “الجيش كان هو المُبادِر في تلبية المطالب الشعبية من خلال المُطالبة بتفعيل المادة 102 في 26 مارس الماضي وهو ما رفع سقف الآمال والطموحات لدى الشعب الجزائري، حيث صار ينتظر أكثر مما يخوله الدستور للجيش في المادة 28”. ويُضيف الدكتور بوهيدل، أستاذ العلوم السياسية بجامعة الجزائر، حول واقع القوى على الأرض وتواجد المؤسسة العسكرية بين سندان تلبية مطالب الحراك غير منقوصة ومطرقة الإلتزام الحرفي بالدستور الذي يُحدد بدقة صلاحيات العسكر، “الجيش اليوم هو بين كماشة الشعب الذي يُطالب بانتخابات نزيهة بعد رحيل بن صالح وبدوي، وبين الدستور الذي يَحد من مبادرات المؤسسة العسكرية في الساحة السياسية”.
إلى ذلك، يفسر المحلل السياسي الجزائري، توفيق قويدر شيشي، عدم تنفيذ الجيش لمطالب المحتجين بإسقاط رئيس الحكومة، نور الدين بدوي، ورئيس الدولة، عبد القادر بن صالح، بأنه يأتي تماشياً مع موقف المؤسسة العسكرية المتمسك بالدستور، ويوضّح قائلاً: “الجيش يتمسك بالدستور لأن عدم التمسك به يجعله في مواجه قانونية دستورية مع الحراك وهذا ما لا يريده”. وحول الاستحقاقات الرئاسية المُزمع تنظيمها مطلع شهر يوليو القادم، يرى قويدر شيشي أن الوقت ضيّق جداً للتحضير لهذه الانتخابات، مُعدِّداً بعض العوائق التي يرى أنها تُعرقل إجراء الانتخابات في الموعد الذي حددته السلطة، “الانتخابات المقبلة لا تكون أصلا لأن الوقت غير كافٍ لتحضيرها مادياً وبشرياً، كما أن الساحة تكون فارغة من المترشحين وبحكم مقاطعة الشعب لها”. أما بخصوص السيناريو المستقبلي، فيتوقّع المحلل الجزائري، توفيق قويدر شيشي، أنّ “الجيش يكون مجبراً على التفاوض بصفة مباشرة مع الحراك من خلال ممثلين عن الحراك من أجل التحضير لمرحلة انتقالية وقد بدأت اليوم برسالة الثلاثي أحمد طالب الإبراهيمي، علي يحيى عبد النور ومهساس وهذ يعني التوجه نحو محلس عسكري مدني”.
وأياً كانت الحلول التي تقترحها شخصيات وطنية أو أحزاب سياسية، فإن المؤسسة العسكرية الماسكة حالياً بزمام السلطة في الجزائر والتي تحظى بدعم الشارع، أكدت في أكثر من مناسبة أنها لن تحيد عن الدستور قبل مناقشة أي حلّ مقترحٍ للأزمة، مع أن الدستور يُعلن صراحةً في ديباجته أن الشعب هو مصدر كل السلطات.(رأي اليوم)

إرسال تعليق

0 تعليقات