الناصرة-“رأي اليوم”- من زهير أندراوس:
في مقالٍ جريءٍ يُعتبر بحقٍّ وحقيقةٍ خارج تمامًا عن الإجماع القوميّ الصهيونيّ في كيان الاحتلال، نشر أحد أشهر المؤرّخين في إسرائيل، البروفيسور دانئيل بالطمان، مقالاً في صحيفة (هآرتس) جزم فيه أنّ الأجواء السائِدة اليوم في الدولة العبريّة لا تختلِف بتاتًا عن الأجواء التي عمّت ألمانيا النازيّة في عهد المُجرِم أدولف هتلر، مُشدّدًا على أنّه في الوقت الذي فازت فيه السنة الماضية المغنيّة الإسرائيليّة، نيطع برزيلاي، في مسابقة الأغنية الأوروبيّة (يوروفيجن) استقبلها ألآلاف من المُواطنين، بينما كان جنود جيش الاحتلال الإسرائيليّ يقومون بقتل الفلسطينيين العُزّل، الذي خرجوا من “غيتو غزّة” للتظاهر السلميّ على حدود القطاع مع إسرائيل، ويرتكبون بذلك جرائم حرب، على حدّ وصفه.
وشدّدّ الباحِث على أنّ الإجراءات التي يقوم فيها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو للتملّص من محاكمته بتهم الفساد وتلقّي الرشاوى وخيانة الأمانة، تجعل من إسرائيل دولةً ديكتاتوريّة بكلّ ما تحمِل هذه الكلمة من معانٍ، على حدّ تعبيره، لافتًا في الوقت عينه إلى أنّ شريك رئيس الوزراء في هذه العملية هو النائب بتسلائيل سموطريتش، التي وصفه بأنّه رأس الحربة في قيادة الحركة النازيّة الجديدة في كيان الاحتلال، ويهدِف من خلال آرائه العنصريّة-المُتطرِّفة إلى إنتاج فاشيّةٍ يهوديّةٍ في إسرائيل، كما أكّد.
ونوّه الباحِث في شؤون المحرقة (الهولوكوسوت) في مقاله إلى أنّ النائب سموطريتش، الذي سيُعيّن وزيرًا للقضاء في حكومة نتنياهو الجديدة، هو الأب العمليّ لنظرية المراحل لحلّ القضيّة الفلسطينيّة، ذلك أنّه أكّد في أكثر من مناسبةٍ أنّ حلّ الصراع مستحيل، وبرأيه، يجب أنْ تعرِض إسرائيل أمام الفلسطينيين شروطًا، بموجبها يعيشون بدون حقوقٍ وطنيّةٍ في دولة عزلٍ عنصريٍّ (أبرتهايد)، الأمر الذي سيدفعهم إلى الهجرة من “أرض إسرائيل”، طواعيّةً أوْ باستخدام القوّة ضدّهم، كما أكّد البروفيسور بالطمان.
وتابع المؤرّخ الإسرائيليّ قائلاً إنّ شريك نتنياهو أجاب على السؤال فيما إذا رفض الفلسطينيون الهجرة طواعيّةً من أراضيهم، وقال في هذا السياق، أيْ النائب المُتطرِّف، وأكّد على أنّه إذا قام الفلسطينيون بجرّ الدولة العبريّة إلى الحرب، فإنّ الجيش الإسرائيليّ سيعرِف كيف سيتصرّف، لأنّه، بحسب رأي سموطريتش، الذي وصفه مرّةً أخرى في المقال كقائِد ائتلاف الحركات النازيّة الجديدة في إسرائيل، في الحرب كما في الحرب.
ولفت المؤرِّخ الإسرائيليّ إلى أنّ هذا التصريح تمّ إطلاقه في الثلاثين من كانون الثاني (يناير) من العام 1939، عندما أكّد هتلر، أنّه إذا استطاع اليهود مرّةً أخرى جرّ العالم لحربٍ، فإنّ النتيجة لن تكون انتصار اليهوديّة والبلشفيّة، بل نهاية العرق اليهوديّ، على حدّ تعبير المجرم النازيّ، مُشيرًا إلى أنّ هتلر بدأ بتنفيذ برنامجه لقتل اليهود، ونتنياهو اليوم يقوم بالشراكة مع سموطريتش، الذي يُريد أنْ يأخذ إسرائيل إلى طريقٍ جديدٍ، طبقًا لأقوال بالطمان.
وبحسب المؤرّخ الإسرائيليّ، فإنّ مسابقة الأغنية الأوروبيّة التي تجري في هذه الأيّام في إسرائيل، تمّ ترتبيها بالتنسيق غير المُباشر مع حماس، على الرغم من أنّها لا تهّم نتنياهو ولا شريكه سموطريتش، ولكنّ رئيس الوزراء يعرِف أنّ الموسيقى بالنسبة للإسرائيليين هي كالمُخدّرات، ويمكِن تسميمهم وإلهائهم عن القوانين التي يقوم بالدفع فيها مع شريكه سموطريتِش، والتي ستكون كارثةً بالنسبة للدولة العبريّة، لافتًا إلى أنّ الموسيقى، التي وصفها بأنّها أقّل من السيئّة، تجعل الإسرائيليين يُدمِنون، وتحديدًا في ظلّ نظام حكمٍ، كالذي يعمل نتنياهو وشريكه سموطريتش على إدخاله في إسرائيل، وهو الأمر الذي كان وزير الدعاية النازيّ، جوزيف غبلز قد فهمه وتنبّه إليه، حيث أكّد غوبلز أنّ وظيفة الموسيقى في الظروف الصعبة التي تعيشها الدولة، وتتطلّب منها تنازلاتٍ كبيرةٍ، هو تجيير الشعب وتحشيده، شريطة أنْ تكون الموسيقى ذات طابعٍ عنصريٍّ، على حدّ تعبير المؤرِّخ بالطمان.
عُلاوةً على ذلك، أكّد المؤرِّخ الإسرائيليّ على أنّ الشعب الذي يُدمِن على الموسيقى الساقِطة والهابِطة، مثلما يحدث في هذه الأيّام في الدولة العبريّة، يشبه تمامًا ما حدث خلال عهد النازيّة في ألمانيا بقيادة هتلر، وبشكلٍ خاصٍّ في العام 1940 عندما وصلت الحرب إلى بيوت المُواطنين الألمان، حيثُ عمل غيبلز على إقناع الألمانيين بأنّ وظيفة الموسيقى هو الطمأنة وهداة البال، وفقًا للوزير النازيّ آنذاك، الذي أضاف أنّ الموسيقى العنصريّة هي الفن الذي يمسّ بشكلٍ عميقٍ في روح الإنسان، كما قال البروفيسور الإسرائيليّ، الذي يُعتبَر من أشهر المؤرِّخين الإسرائيليين في مجال المحرقة اليهوديّة (الهولوكوست).
واختتم مقاله بالقول: في هذا الوقت بالذات، يجلِس نتنياهو وسموطريتش، ويقومان بوضع الأسس لتحويل إسرائيل إلى مكانٍ فيه مَنْ يُحاوِل أنْ يُعارِض طريقهما، فإنّه سيجِد نفسه دون دفاعٍ قانونيٍّ، وهكذا سيعود السُيّاح من أوروبا إلى ديمقراطياتهم الثابِتة، ونحن سنبقى هنا في إسرائيل مع الزبالة والوحل، على حدّ وصف بالطمان.
0 تعليقات